بارادو يحتفل بثلاثين سنة من التألق في سماء الكرة الجزائرية
ثلاثون عامًا من صناعة الأبطال: بارادو، مدرسة جزائرية لكرة القدم
في صمتٍ بعيدًا عن الأضواء الصاخبة، احتفل نادي بارادو في الرابع عشر من أغسطس بذكرى تأسيسه الثلاثين. ثلاثون عامًا من العطاء و العمل الدؤوب، حوّلت هذا النادي إلى مدرسة كروية فريدة من نوعها في الجزائر.
لم تشهد الاحتفالية مظاهر صاخبة أو احتفالات صاخبة، فنهج بارادو لطالما تميّز بالهدوء والتركيز على العمل بجد، تمامًا كما عوّدنا طوال مسيرته الاستثنائية.
منذ عام 1994، لم يقتصر دور بارادو على منافسة الفرق الكبرى في الجزائر فحسب، بل تعدّى ذلك ليصبح مصدرًا لا ينضب للمواهب الكروية. فعلى رغم حداثة عهده مقارنة بالأندية العريقة، استطاع بارادو أن يثبت نفسه كقلعة لصناعة النجوم، ليُلقّب بـ “أكاديمية المواهب”.
ولعلّ أبرز ما يميّز نادي بارادو هو فلسفته التي تُعلي من قيمة التكوين و صقل مهارات اللاعبين الشباب. فهو لا يهدف إلى تحقيق البطولات على حساب مستقبل لاعبيه، بل يسعى إلى تزويدهم بأفضل تدريب ممكن ليُصبحوا نجومًا لامعين في سماء الكرة الجزائرية و العالمية.
وتُترجم هذه الفلسفة على أرض الواقع من خلال العديد من الأسماء اللامعة التي تخرّجت من مدرسة بارادو. فمن بين صفوفه انطلق نجوم كبار أمّا ياسين براهيمي، و سفيان فيغولي، و بغداد بونجاح، وغيرهم كثيرون ممن سطّروا أسماءهم بحروف من ذهب في تاريخ الكرة الجزائرية.
ولا تقتصر إنجازات بارادو على الصعيد المحلي فحسب، بل تتعدّاه إلى المستوى القاري أيضًا. فقد استطاع الفريق أن يُثبت وجوده في العديد من المنافسات الإفريقية، محققًا نتائج مشرفة رفعت اسم الجزائر عاليًا.
واليوم، وبعد ثلاثين عامًا من العطاء، لا يزال نادي بارادو يُواصل مسيرته بنفس العزيمة والإصرار، واعدًا الجماهير الجزائرية بمواهب جديدة ستُشعل حماسهم وتُمتّعهم بأداء راقي على المستطيل الأخضر.## ثلاثون عامًا من الإبداع: رحلة نادي بارادو من الأحياء الشعبية إلى منصات التتويج
بعيدًا عن الأضواء الصاخبة، احتفل نادي بارادو بذكرى تأسيسه الثلاثين في أجواءٍ من الرصانة والهدوء، تمامًا كما عهدناه دائمًا. ففي صيف عام 1994، وتحديدًا في الرابع عشر من أغسطس، انطلقت رحلة النادي من حي حيدرة بالعاصمة الجزائرية، على يد الأخوين خير الدين وحسن زيتشي، ومجموعة من رفاقهم.
لم تكن أحلام مؤسسي النادي محدودة بالحصول على الدعم الحكومي والمشاركة في بعض الأنشطة الرياضية، كما هو سائد آنذاك، بل تجاوزت ذلك بكثير. فقد آمن خير الدين زيتشي، العائد من سويسرا بعد حصوله على شهادة جامعية رفيعة في الاقتصاد والمالية والإدارة، بإمكانية بناء نادي رياضي طموح، قادر على تحقيق إنجازات استثنائية.
أثبتت مسيرة نادي بارادو نجاح رؤية مؤسسيه. فقد شقّ النادي طريقه بثبات، متجاوزًا كافة التحديات، صاعدًا من أدنى الدرجات إلى قمة الدوري الجزائري للمحترفين. شهدت مسيرة النادي صعودًا تاريخيًا إلى الدوري الوطني الأول عام 2004، ثم هبوطًا إلى الدرجة الثانية، قبل أن يعود من جديد إلى واجهة المنافسة عام 2017.
اتخذ النادي في عام 2007 خطوةً استراتيجيةً جريئةً بتأسيس أكاديميته الشهيرة “العنقاوي”، والتي سُميت تيمّنًا باسم أستاذ كرة القدم الجزائري الراحل، الحاج محمد العنقاوي. وتهدف هذه الأكاديمية إلى صقل مواهب الناشئين وتزويدهم بأفضل التدريبات والمهارات.
في نفس العام، وقّع النادي عقد شراكة مع أكاديمية “جان مارك جيلو” الفرنسية الشهيرة، واعتمد نظامًا تدريبيًا فريدًا يركز على تدريب الأطفال حفاة الأقدام، إلى جانب الاهتمام بتعليمهم وتنمية مهاراتهم الشخصية.
أثمرت جهود الأكاديمية عن نتائج مبهرة، حيث استطاع النادي تحقيق صعوده الثاني إلى الدوري الجزائري للمحترفين عام 2017، ليصبح منذ ذلك الحين أحد أبرز فرق البطولة. ولم يقتصر نجاح النادي على المستوى المحلي فحسب، بل امتد إلى الساحة القارية، حيث تأهل إلى مرحلة المجموعات في كأس الاتحاد الأفريقي (الكونفدرالية) عام 2020.
شهدت تلك الفترة توهجًا استثنائيًا لنادي بارادو، حيث تزامن ذلك مع تولي خير الدين زيتشي رئاسة الاتحاد الجزائري لكرة القدم، وتتويج المنتخب الوطني بكأس أمم أفريقيا عام 2019 في مصر، والتي شهدت مشاركة ثلاثة لاعبين من خريجي أكاديمية النادي، وهم رامي بن سبعيني، ويوسف عطال، وهشام بوداوي.
وبعد انتهاء فترة رئاسته للاتحاد الجزائري لكرة القدم، عاد خير الدين زيتشي إلى ناديه من جديد، حاملًا في جعبته الكثير من الطموحات والمشاريع الجديدة، منها إعادة هيكلة الأكاديمية وتطوير برامجها، بالإضافة إلى مشروع بناء مركز تدريبي جديد في منطقة بابا علي، والذي سيُكمل مهام مركز تسالة المرجة المخصص لتدريب الفريق الأول.
ويُعد نادي بارادو اليوم أحد أبرز النوادي الجزائرية التي تُصدر المواهب الشابة إلى الدوريات الأوروبية، حيث نجح في بيع عقود أكثر من عشرة لاعبين خلال السنوات الأخيرة، مما ساهم في توفير مداخيل مالية مهمة للنادي ولخزينة الدولة الجزائرية.
وعلى الرغم من محدودية إمكانياته المادية مقارنةً بالأندية الكبرى، إلا أن نادي بارادو استطاع أن يُثبت نفسه كواحد من أنجح النماذج الاقتصادية في إدارة شؤون الأندية الرياضية. فقد نجح النادي في بناء هوية قوية ونظام عمل احترافي، جعلاه محط أنظار الجميع داخل وخارج الجزائر.
واليوم، وبعد مرور ثلاثين عامًا على تأسيسه، لا يزال نادي بارادو يحمل نفس روح العطاء والإصرار على النجاح، مستمدًا قوته من تاريخه العريق وطموحات رجاله اللامحدودة.