تكوين المدربين في الجزائر: أي استراتيجية لكرة القدم؟
هل دورات الفيفا كافية لتطوير الكرة الجزائرية؟
انطلقت في الجزائر العاصمة دورة تدريبية جديدة تحت إشراف الفيفا، موجهةً خصيصاً لـ”مدربي المدربين” الجزائريين. حاضر فيها نجومٌ كبار أمثال حارس المرمى الإيفواري السابق آلان غوامين، والمدرب التونسي بن لحسن ملوش. وبالتأكيد، تبادل الخبرات مع الاتحاد الدولي لكرة القدم (FIFA) خطوةٌ مهمة، لكن هل تكفي هذه الدورات وحدها لردم الهوة التي تفصلنا عن عمالقة كرة القدم؟
برنامج تدريبي مكثف… ولكن أين الاستراتيجية؟
تُمزج الدورة بين المحاضرات النظرية والتطبيق العملي على أرضية ملعب نيلسون مانديلا ببراقي، وتتضمن برنامجاً مكثفاً يمتد لأشهر، بدءاً بمرحلة تعليم عن بعد، تليها دورات تدريبية افتراضية، ثم لقاءات مباشرة مع خبراء الفيفا، وختاماً بجلسات توجيه فردية. هذا البرنامج الطموح يهدف لرفع مستوى المعرفة لدى المدربين الجزائريين، وتعزيز قدراتهم، وتعميق فهمهم لمفاهيم التدريب الحديثة. لكن السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح: في أي سياق استراتيجي تندرج هذه الدورة؟
غياب رؤية واضحة لتطوير المواهب المحلية
للأسف، لا تزال الاتحادية الجزائرية لكرة القدم (FAF) والإدارة الفنية الوطنية (DTN) تفتقران إلى رؤية واضحة لمستقبل كرة القدم في الجزائر. لم تُعلن الـ FAF عن استراتيجية محددة الأهداف، تشرح المنهجية المتبعة، وتُقيّم الاحتياجات التدريبية، وتُحدد الموارد المخصصة، وعدد المدربين المستهدفين. بل يبدو أنها لا تزال متشبثة بفكرة أن مسؤولية تكوين اللاعبين تقع على عاتق الأندية فقط.
هذا التفكير يُناقض تجربة دول أخرى استثمرت بكثافة في البنية التحتية للتكوين، وحققت نتائج مبهرة، مثل إسبانيا التي سيطرت على جوائز الكرة الذهبية 2024، والسنغال التي تُواصل بريقها في كرة القدم الشاطئية وغيرها من المسابقات. حتى تجربة أكاديميتي خميس مليانة وسيدي بلعباس في الجزائر، والتي أظهرت نجاحاً ملحوظاً، تم التخلي عنها دون مبرر مقنع.
قانون “الباهاماس” .. حلقة مفرغة
يبدو أن الـ FAF لا تزال تُعوّل على استقطاب لاعبين مُكونين في الخارج لتدعيم منتخباتها الوطنية، متبعةً ما يُسمى بـ”قانون الباهاماس” الذي يعود لعهد محمد روراوة. هذا النهج يُحكم على كرة القدم الجزائرية بالبقاء في حلقة مفرغة، ويُضيّع فرصة استثمار الطاقات المحلية وتطويرها. متى ستُدرك الجزائر أهمية الاستثمار في التكوين كركيزة أساسية لتحقيق نقلة نوعية حقيقية في مستوى كرة القدم؟
التكوين.. حجر الأساس
التكوين هو جوهر كرة القدم. دورات الفيفا مهمة ولا شك، لكنها ليست سوى جزء من الحل. الجزائر تحتاج إلى استراتيجية شاملة لتطوير كرة القدم، تُركّز على تكوين اللاعبين و المدربين على حد سواء، وتستثمر في البنية التحتية والموارد البشرية. حان الوقت للتخلي عن السياسات القصيرة النظر، والانطلاق في بناء مستقبل واعد لكرة القدم الجزائرية.