كارثة منتخب الجزائر U17: هل يتكرر سيناريو الإقصاء؟
منتخب الجزائر تحت 17 سنة: هل آن الأوان لكسر حلقة الإخفاقات؟
أعادت تصريحات المدير الفني الوطني للاتحاد الجزائري لكرة القدم، عامر منسول، حول أداء المنتخب الوطني تحت 17 سنة، فتح جُرح قديم لطالما أرّق المتابعين للشأن الكروي الجزائري. فبعد الخسارتين المتتاليتين أمام تونس ومصر في تصفيات كأس أمم أفريقيا، عادت أسئلةٌ مُلِحّةٌ إلى الواجهة: ما السبب وراء هذا التراجع المُستمر؟ وهل يُعقل أن تبقى الجزائر غائبة عن منصات التتويج في هذه الفئة العمرية الحساسة؟
مبررات منسول.. هل تُقنع؟
برّر منسول الأداء المُخيّب للمنتخب بضيق الوقت، مُشيراً إلى أن تشكيل الفريق تم في يونيو الماضي. لكن هذا التبرير لا يبدو مُقنعاً للكثيرين، خاصةً وأن منسول تولى منصبه في أكتوبر 2023، أي قبل انطلاق التصفيات بفترة كافية. فهل كان من الصعب عليه وضع خطة عمل مُحكمة وتجهيز الفريق بالشكل الأمثل؟ أم أن “سياسة الصفحة البيضاء” التي تُمارس بعد كل تغيير في الاتحاد الجزائري لكرة القدم، والتي تعني عملياً إلغاء كل ما سبق والبدء من الصفر، هي السبب الحقيقي وراء هذا الإخفاق؟
نظرة على تاريخ المشاركات.. قصة حزن مُكررة
يُؤكد تاريخ مشاركات الجزائر في كأس أمم أفريقيا تحت 17 سنة، مدى عمق الأزمة. فمن أصل 14 نسخة، لم تشارك الجزائر إلا مرتين، وكانتا عندما استضافت البطولة في 2009 و 2023. وحتى في هاتين النسختين، لم يتجاوز المنتخب الدور ربع النهائي في 2023، بينما حلّ وصيفاً في 2009. أما التأهل الوحيد الذي حققه المنتخب فكان في 2021، ولكن تم إلغاء البطولة بسبب جائحة كورونا. هذه الأرقام تُثير تساؤلاتٍ مُلِحّة حول الاستراتيجية المُتبعة لتطوير كرة القدم في الجزائر، خاصةً في الفئات العمرية الصغرى.
غياب الاستراتيجية.. عُقدة التكوين
يُجمع مُعظم المُحللين على أن غياب استراتيجية واضحة وطويلة الأمد لتكوين اللاعبين الشباب، هو السبب الرئيسي وراء تراجع مستوى المنتخبات الجزائرية في مختلف الفئات العمرية. ففي الوقت الذي تُركز فيه العديد من الدول على إنشاء أكاديميات كروية مُتطورة، وتوفير أفضل الظروف لتكوين اللاعبين، لا تزال الجزائر تُعاني من نقصٍ حادٍ في هذه البُنى التحتية. تجربة أكاديمية الفاف بخميس مليانة، والتي ساهمت في تأهل منتخب تحت 17 سنة لنهائيات كأس أمم أفريقيا 2021 (الملغاة)، تُثبت أهمية الاستثمار في التكوين. فهل تُدرك الجهات المسؤولة ضرورة توفير بيئة مُلائمة لصقل مواهب اللاعبين الشباب، أم أننا سنبقى ندور في حلقة مفرغة من الإخفاقات؟
نحو مستقبل أفضل.. ضرورة التغيير
بات من الضروري إعادة النظر في استراتيجية تطوير كرة القدم في الجزائر، ووضع خطة عمل شاملة تُركز على التكوين وتوفير الإمكانيات اللازمة للمنتخبات الوطنية في جميع الفئات العمرية. فالمواهب موجودة، ولكنها تحتاج إلى من يُنميها ويُصقلها لتُصبح قادرة على منافسة أفضل المنتخبات على الصعيدين القاري والدولي. فهل نشهد في القريب العاجل تغييراً جذرياً في نهج الاتحاد الجزائري لكرة القدم؟ أم أن مستقبل كرة القدم الجزائرية سيبقى رهينة لـ”سياسة الصفحة البيضاء”؟
هل سيظل شباب الجزائر حبيسي “سياسة الصفحة البيضاء”؟
تُطرح تساؤلاتٌ مُلحةٌ حول مستقبل كرة القدم الجزائرية، خاصةً مع خروج المنتخب الوطني لأقل من 17 عامًا من بطولة شمال أفريقيا المؤهلة لكأس الأمم الأفريقية، بعد هزيمتين أمام تونس ومصر. تصريحات المدير الفني الوطني، عامر منسول، التي أرجع فيها الإخفاقات إلى قصر فترة الإعداد، أثارت جدلاً واسعاً، خاصةً وأن توليه المنصب كان في أكتوبر 2023، أي قبل البطولة بوقت كافٍ لإعادة هيكلة الفريق ووضع برنامج إعدادي مُحكم.
يُعيد هذا السيناريو إلى الأذهان “سياسة الصفحة البيضاء” التي تُلازم الكرة الجزائرية، حيثُ يُعتبر كل تغيير إداري بمثابة بداية من الصفر، مما يُفقد الاستمرارية في العمل ويُعيق تطوير استراتيجيات طويلة المدى. فهل يُعقل أن نبدأ من جديد مع كل تغيير في الاتحادية؟ ألا يُؤثر ذلك سلباً على تكوين جيلٍ جديدٍ من اللاعبين قادرٍ على المنافسة على المستوى القاري والدولي؟
تُشير الإحصائيات إلى أن الجزائر شاركت مرتين فقط في 14 نسخة من كأس الأمم الأفريقية لأقل من 17 عامًا، وكانتا عندما استضافت البطولة في 2009 و 2023. نجاح التأهل الوحيد للمرحلة النهائية كان في 2021، ولكن تم إلغاء البطولة بسبب جائحة كورونا. يُبرز هذا الواقع ضعف التخطيط وضعف الاستثمار في الفئات السنية، خاصةً في ظل غياب أكاديميات مُتخصصة تُشبه أكاديمية الفاف بخميس مليانة، التي ساهمت بشكلٍ كبيرٍ في تأهل منتخب 2021.
تحدياتٌ تواجهُ مستقبل الكرة الجزائرية
لا يُمكن إنكار صعوبة المنافسة مع منتخبات جنوب الصحراء، مثل غانا ونيجيريا والكاميرون، التي تُهيمن على البطولات الأفريقية. لكن، يُمكن للجزائر أن تُقلص الفارق من خلال تبني استراتيجية واضحة تعتمد على تطوير المواهب الشابة، كما أوصى تقرير FIFA لتحليل النظام البيئي لكرة القدم (2020-2021). أكد التقرير على أهمية التركيز على الفئات السنية، وعدم الاكتفاء بالفريق الأول، كما هو الحال في الجزائر.
دروسٌ من الماضي، آمالٌ للمستقبل
يُمكن للجزائر أن تستلهم من تجاربها السابقة، مثل الإصلاح الرياضي لعام 1977 الذي أنتج جيلاً ذهبياً من اللاعبين، وتجربة أكاديميات الفاف التي حققت نتائج إيجابية مع منتخبات تحت 20 و 17 عامًا. يجبُ الاستفادة من هذه التجارب لبناء نظامٍ مُتكاملٍ لتطوير المواهب، يبدأ من القاعدة وينتهي بالمنتخب الأول.
هل ستُغير بطولة UNAF المعطيات؟
يبقى السؤال المطروح: هل ستُمثل بطولة شمال أفريقيا نقطة تحول في مسار الكرة الجزائرية؟ هل ستُدفع الاتحادية الجزائرية إلى إعادة النظر في استراتيجيتها، وتبني مقاربة جديدة تُركز على الاستثمار في الفئات السنية؟ الأمل موجود، ولكن يتطلب الأمر إرادة حقيقية للتغيير والتخطيط للمستقبل.