هل المال هو المحرك؟ جدلٌ حول تصريحات اليعقوبي بشأن لاعبي المغرب والجزائر
شهدت الساحة الرياضية المغاربية مؤخرًا جدلًا واسعًا بعد تصريحات المدرب التونسي المؤقت قيس اليعقوبي، عقب هزيمة نسور قرطاج أمام غامبيا بهدفٍ نظيف في تصفيات كأس أمم أفريقيا. أشعلت كلمات اليعقوبي فتيل الأزمة، حيث ألمح إلى أن كلًا من المغرب والجزائر يستخدمان “أساليب رياضية إضافية”، في إشارةٍ إلى تقديم إغراءات مالية، لجذب اللاعبين مزدوجي الجنسية لصفوف منتخباتهم.
وقد أثارت هذه التصريحات ردود فعل غاضبة في كل من الرباط والجزائر العاصمة، حيث اعتبرتها وسائل إعلام ومحللون رياضيون محاولةً لتبرير الهزيمة التونسية، وتحميل الآخرين مسؤولية ضعف الأداء. فهل حقًا تلعب الأموال دورًا حاسمًا في اختيار اللاعبين لتمثيل منتخب وطني معين؟ وهل يُعقل أن يكون الانتماء الوطني خاضعًا للمزايدات المالية؟
المغرب والجزائر يردّان: الانتماء الوطني لا يُباع
لم تتأخر ردود الفعل الرسمية وغير الرسمية من المغرب والجزائر، حيث أكدت وسائل إعلام مغربية أن اختيار اللاعبين لتمثيل أسود الأطلس ينبع من روابط عائلية عميقة وشغفٍ بتمثيل الوطن، بعيدًا عن أي اعتبارات مادية. وأشارت إلى قصص نجاح لاعبين مغاربة من أصول أوروبية اختاروا اللعب للمغرب رغم إمكانية تمثيل منتخبات أوروبية كبرى.
وفي الجزائر، وُصفت تصريحات اليعقوبي بـ”الزلة الخطيرة” و”الافتراء” على لاعبين اختاروا تمثيل الخضر بدافع الانتماء والرغبة في رفع راية بلادهم. كما اعتبر حسن بلحاجي، الموظف الجزائري السابق، أن هذه التصريحات مجرد “غطاء” لإخفاء أزمة كرة القدم التونسية والغيرة من نجاحات المنتخب الجزائري في السنوات الأخيرة، خاصةً بعد التتويج بكأس أمم أفريقيا 2019.
بين الواقع والاتهامات: أين الحقيقة؟
في ظل هذا الجدل الساخن، يبقى السؤال مطروحًا: هل هناك دلائل ملموسة على صحة اتهامات اليعقوبي؟ أم أنها مجرد تصريحات عاطفية لا تستند إلى أدلة قوية؟ واقعيًا، تُعاني العديد من المنتخبات الأفريقية من ظاهرة “استقطاب” اللاعبين مزدوجي الجنسية، وهي مسألة معقدة تتداخل فيها عوامل متعددة، منها الروابط العائلية، والفرص الرياضية، والوضع المادي.
يبقى الأمل في أن تُسوّى هذه الخلافات بالحوار والاحترام المتبادل، بعيدًا عن التراشق الاتهامات والتصريحات المسيئة، لأن الرياضة يجب أن تكون جسرًا للتواصل والتآخي بين الشعوب، لا مصدرًا للخلافات والنزاعات.
