تكوين لاعبين محترفين: هل التطوير أهم من التنقيب في الجزائر؟
الكرة الجزائرية: بين التنقيب والتطوير.. هل نراهن على المستقبل؟
رافق منسول في المؤتمر كل من عزيز الحسين وياسين مناع، مدربي منتخبي تحت 17 و20 سنة على التوالي، واللذان تنتظرهما مهمة صعبة في شهر نوفمبر مع بطولات اتحاد شمال إفريقيا المؤهلة لكأس الأمم الأفريقية، في المغرب وتونس. وتُعتبر هذه البطولات فرصة ثمينة لاختبار مواهب المنتخبات الشابة وإعدادهم للمستقبل. لكن، هل يُركز الاتحاد الجزائري فعليًا على بناء جيل جديد من اللاعبين؟
تشير الإحصائيات إلى تراجع مستوى الكرة الجزائرية في السنوات الأخيرة. فبعد الفوز بكأس أمم أفريقيا عام 2019، غابت “الخضر” عن مونديال قطر 2022، وتراجع ترتيبها في التصنيف الدولي للفيفا. هذا التراجع يُلقي بظلاله على ضرورة إعادة النظر في استراتيجيات التطوير وتكوين اللاعبين. فلا يكفي اكتشاف المواهب، بل يجب صقلها وتطويرها ببرامج علمية مدروسة.
يُعتبر الاستثمار في الفئات الشابة حجر الأساس لبناء منتخب قوي ومنافس. فعلى سبيل المثال، نجاح منتخب المغرب في كأس العالم 2022 لم يأتِ من الفراغ، بل كان ثمرة عمل دؤوب على مدى سنوات في تكوين اللاعبين الشباب وتوفير البنية التحتية المناسبة. فهل يستلهم الاتحاد الجزائري من هذه التجربة ويُعطي الأولوية للاستثمار في المستقبل؟
يجب أن يتجاوز الخطاب الرسمي مرحلة التقييم النظري إلى وضع خطط عملية قابلة للتطبيق والمتابعة. فلا يكفي التحدث عن التنقيب والتطوير دون ترجمة هذه الأهداف إلى برامج واضحة وملموسة. يحتاج الجمهور الجزائري إلى رؤية نتائج ملموسة على أرض الواقع، وليس مجرد وعود معلّقة في الهواء.
الكلمات المفتاحية: الكرة الجزائرية، عامر منسول، منتخب الجزائر، تحت 17 سنة، تحت 20 سنة، كأس أمم أفريقيا، تطوير المواهب، الاستثمار في الرياضة، الاتحاد الجزائري لكرة القدم.
هل أرقام التكوين في الكرة الجزائرية تعكس الواقع؟ نظرةٌ على استراتيجية التطوير
شهد الأسبوع الماضي مؤتمراً صحفياً للمدير الفني الوطني للاتحاد الجزائري لكرة القدم، عامر منسول، لتقييم عامٍ من العمل، بمشاركة مدربي منتخبات تحت 17 و20 سنة، عزيز الحسين وياسين مناع، قبل استحقاقات هامة في تصفيات شمال أفريقيا المؤهلة لكأس الأمم الأفريقية. لكن هل قدم المؤتمر إجابات شافية حول مستقبل الكرة الجزائرية؟
التركيز على الأرقام.. وغياب الرؤية الشاملة
ركز منسول على عرض الأنشطة والأرقام المتعلقة بالتكوين، كعدد الدورات التدريبية (CAF Pro, A, B, C) وورش العمل للمدربين. لكن هل تكفي الأرقام وحدها؟ أين تقييم الأثر الفعلي لهذه الدورات على أرض الواقع؟ أين انعكاسها على جودة المدربين و تطوير أداء اللاعبين و المنتخبات؟ فعلى سبيل المثال، لم يتطرق المؤتمر إلى تقييم مخرجات هذه الدورات ومدى مساهمتها في تطوير الكفاءات التدريبية، خاصةً في ظل التحديات التي تواجهها الكرة الجزائرية على مستوى التكوين والتطوير.
صحيحٌ أن المنتخبات الجزائرية حققت بعض النجاحات على مستوى الشباب، لكن هل تم تحليل أسباب هذه النجاحات و استخلاص الدروس منها؟ هل تم ربطها ببرامج التكوين الحالية؟ يبدو أن التركيز على الأرقام يغفل الجوانب النوعية والتخطيط الاستراتيجي طويل المدى.
التكوين في الأندية.. مسؤولية من؟
أشار منسول إلى أن التكوين مسؤولية الأندية، وهو أمر صحيح جزئياً. لكن أين دور الاتحاد في دعم الأندية وتوفير البرامج اللازمة لتطوير قدراتها التدريبية؟ تجربة الأكاديميات، كأكاديمية سيدي بلعباس التي ساهمت في فوز الجزائر بكأس العرب تحت 17 سنة 2022، و أكاديمية خميس مليانة التي قدمت لاعبين مميزين كمسلم عناتوف و رفيق عمر، تؤكد أهمية الاستثمار في البنية التحتية للتكوين. لماذا لا يتم تعميم هذه التجارب الناجحة وتوفير الدعم اللازم للأندية لإنشاء أكاديميات مماثلة؟
تشير بعض الدراسات إلى أن الاستثمار في أكاديميات كرة القدم يساهم بشكل كبير في تطوير المواهب الشابة ورفع مستوى المنتخبات الوطنية. فعلى سبيل المثال، نجد أن العديد من الدول التي حققت نجاحات كبرى في كرة القدم تعتمد على نظام أكاديميات قوي و متكامل.
دور الكلية التقنية الوطنية.. أين هو؟
تم إنشاء الكلية التقنية الوطنية في ديسمبر 2023، لكن ما هو دورها الفعلي على أرض الواقع؟ هل اقتصر دورها على المصادقة على اختيار المدربين؟ المادة 30 من المرسوم 14-330 تنص على أن الكلية التقنية مسؤولة عن صياغة المقترحات والتوصيات لتطوير كرة القدم. أين هي هذه المقترحات؟ أين هي الرؤية الاستراتيجية لتطوير الكرة الجزائرية؟ لماذا لا يتم تفعيل دور الكلية بشكل أكبر وجعلها مركزاً للتفكير الاستراتيجي ووضع الخطط والبرامج لتطوير الكفاءات التدريبية؟
نحو استراتيجية شاملة لتطوير الكرة الجزائرية
لا شك أن التكوين هو حجر الأساس لتطوير كرة القدم الجزائرية. لكن التكوين وحده لا يكفي. نحتاج إلى استراتيجية شاملة تتضمن:
- تفعيل دور الكلية التقنية الوطنية وجعلها مركزاً للتفكير الاستراتيجي.
- دعم الأندية وتوفير البرامج اللازمة لتطوير قدراتها التدريبية.
- الاستثمار في البنية التحتية للتكوين، كإنشاء المزيد من الأكاديميات.
- تطوير نظام الكشف عن المواهب ورعايتها.
- وضع برنامج متعدد السنوات بأهداف محددة وواضحة.
التركيز على الأرقام وإنجازات الماضي لا يكفي. المستقبل يتطلب رؤية واضحة و استراتيجية شاملة تضع الكرة الجزائرية على الطريق الصحيح.