ديانغا ماريا: نهاية رحلة تحكيمية حافلة في قلب الجدل الكاميروني
في خطوة مفاجئة هزت أركان الكرة الكاميرونية، أعلنت الحكم الدولية السابقة، جوريتي ناين ديانغا ماريا، اعتزالها التحكيم بشكل نهائي، بعد مسيرة حافلة امتدت لعقد من الزمن. وجاء قرار ديانغا، التي حملت شارة الفيفا بين عامي 2017 و 2023، بعد عامٍ واحد من سحب الشارة منها في ظروفٍ غامضة أثارت جدلاً واسعاً في الأوساط الرياضية.
مسيرة حافلة وإنجازات وطنية ودولية
لم تكن ديانغا ماريا مجرد حكم عادي في ملاعب كرة القدم، بل كانت رمزاً للتمكين النسوي في المجال الرياضي، حيث صنعت التاريخ كأول امرأة تتولى مهمة حكم ساحة في مباراة رسمية ضمن دوري الدرجة الأولى للرجال في الكاميرون عام 2022.
وخلال مسيرتها المهنية، شاركت ديانغا في إدارة مباريات هامة على المستويين الوطني والدولي، بما في ذلك بطولة دوري أبطال أفريقيا للسيدات، وبطولة عائشة بوهاري في نيجيريا، ومباريات تصفيات كأس العالم لكرة القدم، ومباريات كأس الأمم الأفريقية للسيدات، بالإضافة إلى مباريات الدوري المحلي.
سحب الشارة الدولية: شرارة الجدل وبداية النهاية
بدأت رحلة ديانغا مع الجدل في أغسطس 2023، عندما تم سحب شارة الفيفا منها بشكل مفاجئ، بعد أن تم استبعادها من قائمة الحكام الدوليين المعتمدين من قبل الاتحاد الدولي لكرة القدم. وجاء قرار سحب الشارة بعد سلسلة من الأحداث الغامضة، بدأت بطلب ديانغا الإذن بالتغيب عن اختبارات الفيفا للحكام بسبب ارتباطها بمباراة دولية.
ورغم حصولها على الموافقة المبدئية، إلا أن ديانغا تلقت اتصالاً في اللحظة الأخيرة لإبلاغها بضرورة حضور الاختبارات في ياوندي، مما اضطرها للسفر بشكل عاجل من مدينة دوالا، حيث كانت تستعد لإدارة مباراة دولية.
وعلى الرغم من وصولها في الوقت المناسب واجتيازها للاختبارات بنجاح، إلا أن اسم ديانغا تم استبعاده من القائمة النهائية للحكام الدوليين، مما أثار تساؤلات حول دوافع هذا القرار.
تهميش متعمد وحرمان من المشاركة
لم يقتصر الأمر على سحب الشارة الدولية، بل امتد ليشمل تهميش ديانغا بشكل واضح من قبل مسؤولي التحكيم في الكاميرون، حيث تم حرمانها من إدارة مباريات هامة في الدوري المحلي، واقتصرت مشاركتها على إدارة مباراة واحدة فقط كحكم رابع.
وأثار هذا التهميش حفيظة العديد من المتابعين والمحللين الرياضيين، الذين اعتبروا أن ديانغا كانت ضحية لمؤامرة تحكيمية، تهدف إلى إبعادها عن الساحة الكروية.
قرار الاعتزال: نهاية حزينة لمسيرة حافلة
وفي ظل هذه الأجواء المشحونة، جاء قرار ديانغا ماريا بالاعتزال ليضع حداً لمسيرتها التحكيمية الحافلة، وليفتح الباب أمام العديد من التساؤلات حول مستقبل التحكيم في الكاميرون.
ورغم الحزن الذي خيّم على الوسط الرياضي بعد إعلان الاعتزال، إلا أن ديانغا أكدت أنها ستواصل مسيرتها في المجال الرياضي، من خلال التدريس في قسم الرياضة بجامعة باميندا، حيث تعمل حالياً.
التحكيم الكاميروني: أزمة ثقة وتحديات مستقبلية
ويأتي قرار اعتزال ديانغا ماريا في وقت حرج يمر به التحكيم الكاميروني، الذي يعاني من أزمة ثقة حادة من قبل الأندية واللاعبين والجمهور على حد سواء.
وتعكس قضية ديانغا ماريا حجم التحديات التي تواجه تطوير منظومة التحكيم في الكاميرون، والتي تتطلب إصلاحات جذرية على مستوى القوانين واللوائح، وتوفير بيئة عمل صحية ونزيهة للحكام، بعيداً عن المحسوبية والمؤامرات.
ديانغا ماريا: رمز للصمود في وجه التحديات
ورغم النهاية الحزينة لمسيرتها التحكيمية، إلا أن ديانغا ماريا ستبقى رمزاً للصمود والمثابرة في وجه التحديات، ولن تمحى إنجازاتها من ذاكرة عشاق الكرة الكاميرونية.
